إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب عوامل السعة والمرونة في الشريعة الإسلامية pdf الكاتب يوسف القرضاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
هذا بحث قصدت فيه إلى بيان سعة الشريعة الإسلامية ومرونتها وقابليتها لمواجهة التطور البشري، والتغير الزماني والمكاني؛ مما يجعلها صالحة - بغير شك - للتطبيق في كل زمان ومكان.
ولقد خيل لبعض الناس من المستشرقين وأمثالهم - ممن يكتبون عن الإسلام بروح التعصب، وعقلية المتحامل - أن الشريعة الإسلامية شريعة جامدة صارمة، لا يتسع صدرها لمسايرة التطور، ومواجهة ما يجد من أحداث الزمان بروح العصر ... إلخ، وذلك أن أساسها الوحي، ومصدرها الأول النصوص الدينية، التي لا يملك المسلم إزاءها إلا السمع والطاعة، وليس مقتضى إيمانه وإسلامه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (النور:51) ، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (الأحزاب:36) .
وهذه المقدمة التي ذكروها - من حيث إنها شريعة ربانية دينية - صحيحة في نفسها، ولكن النتيجة التي بنيت عليها غير صحيحة، إنما دفع إليها: الوهم أو الجهد أو التحامل. ويستحيل أن يوحي الإله العليم الحكيم، البر الرحيم، لخاتم رسله، بشريعة عامة خالدة، تحرجهم في دينهم، أو تضيق عليهم في دنياهم، أو تعجز عن مواجهة الجديد من أحوالهم وأوضاعهم، وقد وصفها منزلها بالكمال، وأراد بها الرحمة واليسر، ونفى عنها الحرج والعسر.
ولقد كانت هذه الشريعة أساس التشريع والقضاء والفتوى في العالم الإسلامي كله قريبًا من ثلاثة عشر قرنًا، دخلت فيها مختلف البيئات، وحكمت فيها شتى الأجناس، والتقت فيها بعدد من الحضارات، فما ضاق ذرعها بجديد، ولا قعدت عن الوفاء بمطلب، بل كان عندها لكل مشكلة علاج، ولكل حادثة حديث.
لم تكن النصوص الدينية - التي هي أساس هذه الشريعة - قيدًا على حركة الأمة الإسلامية والحضارة الإسلامية، بل منارات تهتدي بها، ومصابيح تسير على ضوئها، وحوافز تدفع بها في طريق الخير والصلاح، وحواجز تحول بينها وبين الشر والفساد.
أما كيف اتسعت هذه الشريعة لأحداث العصور المختلفة، والبيئات المتنوعة، وكيف تستطيع أن توجه التطور، وتعالج كل جديد بما يفي بمصالح الخلق، ويحقق مقاصد الشرع، ولا يغفل روح العصر؟ فهذا ما يتكفل هذا البحث ببيانه وتوضيحه، مؤيدًا بالأدلة راجعًا إلى أوثق المصادر {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود:88) .
هذا الكتاب من تأليف يوسف القرضاوي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
يوسف عبد الله القرضاوي (9 سبتمبر 1924)، أحد أبرز العلماء السنة في العصر الحديث، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ولد في قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر.
حفظ القرآن الكريم وهو دون العاشرة، وقد التحق بالأزهر الشريف حتى تخرج من الثانوية وكان ترتيبه الثاني على مملكة مصر حينما كانت تخضع للحكم الملكي. ثم التحق الشيخ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ومنها حصل على العالية سنة 1953 وكان ترتيبه الأول بين زملائه وعددهم مائة وثمانون طالبًا. حصل على العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية سنة 1954م وكان ترتيبه الأول بين زملائه من خريجي الكليات الثلاث بالأزهر ، وعددهم خمسمائة. حصل يوسف القرضاوي على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب في سنة 1958، لاحقا في سنة 1960 حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن و السنة من كلية أصول الدين[ادعاء غير موثق منذ 686 يوماً]، وفي سنة 1973 م حصل على (الدكتوراة) بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من نفس الكلية، وكان موضوع الرسالة عن "الزكاة وأثرها في حل المشاكل الاجتماعية".
أثير جدل حول يوسف القرضاوي فبعض آرائه الفقهية لا تلقى ترحيبًا عند بعض العلماء، لأنه في نظرهم يقدم الرأي على الدليل الشرعي خضوعًا لضغوط العصر الحديث.
لكن مناصري القرضاوي يقولون: إنه استطاع الوصول إلى آراء فقهية تستند إلى قواعد واضحة في أصول الفقه كالجمع بين الأحاديث المتعارضة في الظاهر عن طريق البحث في مناسبة الحديث إضافة إلى دراسة المذاهب الفقهية المقارنة للوصول إلى الرأي الراجح.
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة