إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب مخلفات الزوابع الأخيرة pdf الكاتب جمال ناجي
"لو تعود المدينة بخوائها إلى الوراء، فإن الوادي سيعود مثلما كان قبل ارتحال "سبلو الغجري" إليه: مكاناً موحشاً، وملتقى للصوص الذين اتخذوا من كهوفه حصوناً لهم، ومخابئ تستعصي على الانكشاف! ستفته المدينة أيضاً، في فراغ جبالها ووديانها، ستشهر أذرعها العنكبوتية، وتزحف معلنة حربها الصامتة القاسية على فراغ مساحاتها. هنا تزدحم الوجوه، فيطل "+ الغجري" وزوجته "بهاج" ثم ابنتهما "هاجار"، يطل "عثمان أبو بركة" وزوجته وأولاده لا سيما "حامد" أصغرهم! يطلون جميعاً لا لأنهم يريدون بثّ ما لديهم عبر هذه الرواية، ولا لأنهم أول من أقام في فراغ الوادي؛ وإنما لأنهم كانوا مقدمة للحشود التي اتخذت من الوادي موطناً لها. في أحد الصباحات، خرج "سبلو" عن عادات الغجر الذين لا يحسنون الابتعاد عن بعضهم. لأمر ما ارتحل سبلو عن جماعة الغجر، فأعلن بذلك سابقة خطيرة تعزو باحتمال نتائجها، وحين أقام في الوادي، سافر لصوص المدينة ذات ليلة مفزعة، عزف لطيشهم وبأسهم، ولعن الموت مثلهم، لكنه لم يشاركهم غزواتهم على متاجر المدينة، وحظائرها: قبل عشرات السنين، لم يكن هنالك مكان اسمه "وادي الغجر"، ولم تكن هذه التسمية ممكنة، لأن حشود الغجر أقامت عند الأطراف الجنوبية للمدينة. كل ما هنالك أن بيتاً واحداً كان يقبع في سفح الجبل الشمالي، ويضم فيما يضمّ: "عثمان أبو بركة"، وزوجته "رحمة"، وأولاده الأربعة، وبناته الثلاث".
ضمن هذه المناخات تدور أحداث رواية جمال ناجي "مخلفات الزوابع الأخيرة" لتحكي قصة مدينة ووادي سكنه غجر وحطوا ترحالهم فيه على أمل العثور على طمأنينة فيه. إلا أن الأمور تجري ضمن مجريات عدة، وتتشعب المشاكل وتتأزم الأحوال وتصل إلى حدّ إطاحة سكان الوادي الغجريين، في يوم من الأيام بجرافات عسكرت عند مدخل الوادي، فعلى الرغم من محاولة هؤلاء الغجريين خلع صفة الشرعية على الأراضي التي استوطنوها، إلا أن للدولة شأنها وتصرفاتها. يسوق الكاتب ذلك كله ضمن أسلوب شيق يجعل من قراءة روايته متعة تحثّ القارئ على ملاحقة أحداثها إلى النهاية.
هذا الكتاب من تأليف جمال ناجي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
روائي وقاص أردني من أصول فلسطينية، بدأ شوطه مع الكتابة الروائية منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي، حيث كتب أول رواية له في العام 1977 بعنوان (الطريق إلى بلحارث) وقد نشرت في العام 1982 ولقيت أصداء واسعة في حينها وأعيدت طباعتها سبع مرات، وشكلت حافزا له للاستمرار في الكتابة الروائية، وقد أصدر بعدها عددا من الروايات والمجموعات القصصية، وتتميز تجربته الروائية بأن لكل رواية أجواؤها المختلفة عن الأخرى من حيث الأماكن والأزمان والموضوعات، أما قصصه فتعتمد التكثيف والمفارقة التي تكشف ما خلف الأحداث في السطر الأخير من كل قصة. وُلد جمال ناجي في عقبة جبر – أريحا العام 1954 حيث عاش طفولته المبكرة، ثم انتقل إلى عمان إثر نكسة حزيران 1967 وقد أقام وتلقى تعليمه فيها منذ ذلك الحين، حيث حصل على دبلوم في الفنون التشكيلية، وعمل في مجالات متعددة أهمها، التدريس في المملكة العربية السعودية 1975 – 1977، العمل المصرفي 1978 – 1995، مديرا لمركز للدراسات السياسية والاقتصادية 1995– 2004، وهو كاتب متفرغ اعتبارا من العام 2004 حتى الآن. تميزت روايات وقصص جمال ناجي بالتنوع ولم تنحصر أحداثها في أماكن متكررة أو أزمان محددة، ففي روايته الأولى (الطريق إلى بلحارث) يتناول البيئة الصحراوية في القرية السعودية خلال العقد الثامن من القرن العشرين، بينما تدور أحداث روايته الثانية (وقت) في المخيم الفلسطيني خلال الخمسينات والستينات، أما روايته الثالثة (مخلفات الزوابع الأخيرة) فتتحدث عن الغجر وحياتهم وحلهم وترحالهم وتعايشهم مع المجتمعات المحلية، فيما تعد روايته الرابعة (الحياة على ذمة الموت) مقدمة للدخول إلى موضوعة العولمة من خلال الاقتصاد، وهو ما تم استكماله في روايته الخامسة (ليلة الريش) التي تدور أحداثها في الأوساط المالية والاقتصادية من منظور نقد سلبيات العولمة. وفيما يتعلق بقصص جمال ناجي فقد رأى النقاد فيها اختلافا جذريا عن أسلوبه الروائي سواء من حيث الشكل ام اسلوب المعالجة ام المضمون، وقد صنفت على انها نوع من قصص الكشف في أعماق النفس البشرية بأسلوب جديد يعتمد المفارقة والنهايات غير المتوقعة. وقد صدرت له ثلاث مجموعات قصصية هي (رجل خالي الذهن / رجل بلا تفاصيل / ما جرى يوم الخميس).
الكتب الأكثر قراءة