إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب تابع الشيطان pdf الكاتب جورج برنارد شو
أيها القارئ، أنت مع مسرحية جريئة لكاتب جريء لم يعرف المجتمع الإنكليزي مثيلاً له في الجرأة، فضلاً عن قدراته العظيمة في الكتابة الفنية للمسرح. في هذه المسرحية، تابع الشيطان، ستجد أيها القارئ أموراً واقعية معروضة بأسلوب ساخر، وربما لاذع إلى حد بعيد. إنها مسرحية مسلية، وفي الوقت نفسه عالية المستوى، تحتاج إلى قراءة متأنية لقد كتبها برنارد شو لكل فئات المجتمع من دون استثناء سنة 1897، ولاقت بعد طباعتها سنة 1900، نجاحاً كبيراً في نيويورك، وفي مدن أخرى في العالم.
هذا وقد رسم برنارد شو شخصيات هذه المسرحية بعناية فائقة. فالسيدة داد جون هي امرأة محافظة، متمسكة بالتقاليد الموروثة عن الأجداد، وصارمة في علاقاتها اليومية بالآخرين. وأنطوني اندرسن كاهن يكتشف نفسه من جديد في ساعة اختبار حاسمة، فيترك الوعظ لكي يقاتل إلى جانب الوطنيين في حرب الاستقلال الأمريكية. أما ريتشارد داد جون فهو نموذج مألوف للبطل الميلودرامي الذي يتصرف طبقاً للعرف وليس بحسب مقتضيات القانون، وذلك من خلال كونه مستعداً للموت بدلاً من شخص آخر، وهو دون أن يكشف النقاب عن الشخص المطلوب للمحاكمة، الذي هو اندرسن: ليس لأنه ملزم بالتضحية بالنفس من أجل اندرسن، ولكن لأنه يمتلك الطيبة كصفة مميزة في نفسه والتي لا يمكن التخلي عنها أو إهمالها. وقد قال الجودي في اليوم التالي بعد أن قبض عليه إنه لم يستطع أن يمنع نفسه عن تقديم رقبته بدلا من رقبة شخص آخر لوضعها في أنشوطة المشنقة.
وعبر عن موقفه هذا بوضوح إذ قال لها إنه يتصرف طبقاً لقانون طبيعته، ولا يمكنه أن يقف ضد ذلك. إن نقطة الذروة في هذه المسرحية نجدها في المشهد الأخير عندما يكون ريتشارد وهو مكبل بالأغلال على وشك أن يشنق بدلاً من أنطوني أندرسن كمتمرد، لكنه ينقذ في اللحظة الأخيرة بعودة أندرسن إلى الظهور كقائد شعبي-يحمل جواز مرور للتفاوض مع المستعمرين الإنكليز من أجل الجلاء عن مدينة سبرينغ تاون الأمريكية. أما موضوع هذه المسرحية الرئيسي الكامن خلف الأحداث فهو الصراع بين الخير والشر، وقد شغل هذا الصراع الفلاسفة والأدباء على مر العصور وما زال يلقى اهتماماً كبيراً من المفكرين في عصرنا الراهن.
ولأهمية هذه المسرحية الخالدة يتم ترجمتها في هذه الطبعة التي بين أيدينا وذلك لتكون بمتناول الطلاب العرب، هذا وقد اشتملت بالإضافة إلى الترجمة العربية على النص الإنكليزي الأصلي، هذا إلى جانب بعض المناقشات البسيطة المدرجة في نهاية كل جزء.
هذا الكتاب من تأليف جورج برنارد شو و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
ولد شو في 26 يوليو عام 1856 في دبلن بإيرلندا من طبقة متوسطة واضطر لترك المدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره ليعمل موظفاً. كان والده سكيراً مدمناً للكحول مما شكل لديه ردة فعل بعدم قرب الخمر طوال حياته، كما كان نباتياً لا يقرب اللحم الأمر الذي كان له أثراً في طول عمره وصحته الدائمة. تركت أمه المنزل مغادرة إلى لندن مع ابنتيها ولحق بهم شو سنة 1876. ولم يعد لإيرلندا لما يقرب الثلاثين عاماً.
فقد عاش برناردشو حياة فقيرة وبائسة أيام شبابه وعندما أصبح غنياً لم يكن بحاجة لتلك الجائزة التي تُمنح أحياناً لمن لا يستحقها.. ولأن حياته كانت في بدايتها نضالاً ضد الفقر، فقد جعل من مكافحة الفقر هدفاً رئيسياً لكل ما يكتب وكان يرى أن الفقر مصدر لكل الآثام والشرور كالسرقة والإدمان والانحراف، وأن الفقر معناه الضّعف والجهل والمرض والقمع والنفاق. ويظهر ذلك جلياً في مسرحيته "الرائد باربرا" التي يتناول فيها موضوع الفقر والرأسمالية ونفاق الجمعيات الخيرية. عندما غادر إلى لندن بدأ يتردد على المتحف البريطاني لتثقيف نفسه الأمر الذي كان له الفضل الكبير في أصالة فكره واستقلاليته. بدأت مسيرته الأدبية في لندن حيث كتب خمس روايات لم تلق نجاحاً كبيراً وهي: " عدم النضج " و " العقدة اللاعقلانية" و "الحب بين الفنانين" و " مهنة كاشل بايرون " و" الاشتراكي و اللااشتراكي " لكنه اشتُهِر فيما بعد كناقد موسيقي في أحد الصحف. ثم انخرط في العمل السياسي وبدأ نشاطه في مجال الحركة الاشتراكية socialism وانضم للجمعية الفابيّة (وهي جمعية إنكليزية سعى أعضاؤها إلى نشر المبادئ الاشتراكية بالوسائل السلمية.) كان شو معجباً بالشاعر والكاتب المسرحي النروجي هنريك إبسن (الذي يعتبر أعظم الكتاب المسرحيين في كل العصور. وكان السبّاق في استخدام المسرح لمعالجة القضايا الاجتماعية). فكان تأثير إبسن واضحاً على شو في بداياته.
رغم تركه للمدرسة مبكراً إلا أنه استمر بالقراءة وتعلّم اللاتينية والاغريقية والفرنسية وكان بذلك كشكسبير الذي غادر المدرسة وهو طفل ليساعد والده ومع ذلك لم يثنه عدم التعلم في المدارس عن اكتساب المعرفة والتعلّم الذاتي. فالمدارس برأي برناردشو " ليست سوى سجون ومعتقلات". كان مناهضاً لحقوق المرأة ومنادياً بالمساواة في الدخل. على الرغم من إلحاد جورج برناد شو كان مثله الأعلى النبى محمد صلى الله عليه و سلم، فقد كان يرى في حياة الجهاد التي عاشها النبي شبهاً بالحياة المثالية التي أراد هو نفسه أن يعيشها، وبلغ به الإعجاب أن حاول قبل سنة 1910م أن يكتب مسرحية عن عنه.
وقد أراد أن يدعو إلي ذلك الفكر الذي آمن به من خلال عرض مسرحي، فما كان له إلا أن يصور بطله الديني في مسرحية عامة، لنشر آراءه الدينية من حيث الكفاح في سبيل حرية الرأي، ومن حيث الخلاص من التعصب الأعمى، ومن حيث التحرر من استبعاد السلطة، لقد أراد أن يكتب مسرحية "محمد" ليلقي بآرائه هذه في صعيد واحد.
كان برنارد شو من أشهر من رفض جائزة نوبل حين قدمت له وقال: " إن هذا طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلا إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر"
توفي في 2 نوفمبر عام 1950
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة