إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب حدائق الرئيس pdf الكاتب محسن الرملي
على الخط الفاصل بين السلطة والناس، أو بين الجلاد والضحية، تتحرك رواية (حدائق الرئيس)، وتقول من خلال هذه الحركة حكايات ثلاثة من أبناء العراق كلهم (أبناء شق الأرض) التوصيف الذي اختاره "محسن الرملي" لثلاثة أبطال استثنائيين: طارق بن ظاهر إمام المسجد، عبد الله بن شق الأرض وصار ابن صالح، وإبراهيم بن سهيل الدمشقي. ولد الثلاثة سنة 1959 في أشهر متتالية، ومنذ حَبوهم ولعبهم عراة المؤخرات، في التراب قرب أمهاتهم المتجمعات بجوار التنانير، أو أمام أبواب بيوتهن، في المساءات، لتبادل الثرثرة وأخبار الناس التي يسمينها (عُلوم)، صاروا أصدقاء لا يفترقون إلا للنوم في دور الأهل وأحياناً يبيت أحدهم في دار الآخر إذا ما زعل من أهله أو تأخر في السهر. معاً أصيبوا بمرض الحصبة ومعاً شُفوا منه، معاً تعلموا المشي والسباحة وصيد العصافير، تربية الحمام، سرقة البطيخ والرمان وألعاب الرماية والاختباء وكرة القدم. معاً دخلوا المدرسة وكانوا يدافعون عن بعضهم أمام اعتداءات بقية التلاميذ، ويدرسون للامتحانات وسط الحقول أو في غرفة أحدهم ليلاً.
هذا الفضاء الروائي ينهض به خطاب له مواصفاته الخاصة، سواء على مستوى السرد أو الحوار أو اللغة، فعلى مستوى السرد يتحرك الروائي بين الوقائع والذكريات، وكثيراً ما تشكل الذكريات ملاذاً من الوقائع القاسية وهنا تجنح اللغة السردية نحو الوصف، "... قالوا: ماذا نفعل يا شيخ.. أندفن الرؤوس لوحدها أم ننتظر حتى نعثر على أجسادها وندفنها سوية؟ لقد قُتلوا في بغداد، أو في الطريق إليها، وبغداد الآن فوضى تغص بالجثث المجهولة والمفخخات والأجانب والكذب، وربما من الاستحالة العثور على جثثهم...".
وعلى مستوى الحوار، نجح الروائي في المزج بين طريقتي السرد والعرض في تصوير الشخصيات وخطاباتها، فيتخذ لصوته دوراً في الكشف عن نوازعها وأفكارها وسلوكها، وتباين أصواتها ونبراتها الاجتماعية المختلفة، وحتى مواقعها كما في حديثه عن "قصور الشعب": "... سيادته يقول إنها قصور للشعب، فهو يحب الشعب والشعب يحبه. كما أنها تعطي صورة مشرفة عنا، وتُبين للضيوف الأجانب الذين يزورون بلدنا مدى العز الذي يعيش فيه الشعب العراقي..." وهذا ما يعزز البعد الواقعي للتناقض/الهوة بين السلطة والشعب ويعكس أيضاً روح المجتمع الذي تتناوله.
أما اللغة فهي على قدر من السلاسة والوضوح، تجنح نحو تصويرية إنشائية جميلة تبقى محافظة على المضمون والوقائع، وأكثر تعبيراً عن الخصوصية العراقية، الاجتماعية والفردية لمنطوق الشخصيات ومراميها الحيوية.
وهكذا استطاع "محسن الرملي" أن يُعبر عن أكثر حالات الإحباط البشري والشعور بعبثية الأقدار أمام مصير شعب بأكمله، تتبدل الوجوه ويبقى الظلم، والجلاد، أصبح فرنجي برنجي كما يقول اللبنانيون، فعلى مدى نصف قرن، لم تتبدل حياة الناس البسطاء، الحروب، الحصار، المقابر الجماعية وفوضى الاحتلال، التي يضيع فيها دم إبراهيم، كرمز للدم العراقي، في هذه الرواية بين فلول نظام سابق وأتباع نظام تلاه.
"حدائق الرئيس" هي أكثر من رواية، هي حكاية وطن، بين عراق الأمس وعراق اليوم، يصوغها محسن الرملي، ليفضح من خلالها زيف ديمقراطيات العالم المتقدم، وهو يجرب أسلحته في صدور أبناءنا...
هذا الكتاب من تأليف محسن الرملي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
محسن الرملي كاتب وأكاديمي ومترجم وشاعر عراقي يقيم في إسبانيا. ولد سنة 1967 في قرية (سُديرة) شمال العراق. حصل على الدكتوراه، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من جامعة مدريد (أوتونوما) بكلية الفلسفة والآداب عن رسالته (تأثيرات الثقافة الإسلامية في الكيخوته) عام 2003 وهو شقيق الكاتب العراقي الراحل حسن مطلك. ويتميز بالكتابة باللغة العربية والإسبانية كما تُرجمت بعض من كتبه ونصوصه إلى العديد من اللغات كالإسبانية، الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية، الألمانية، البرتغالية، التركية، الروسية، القطالانية، الألبانية، الفنلندية والكردية.كماألقى العديد من المحاضرات، وشارك في العديد من الندوات والامسيات والمؤتمرات ومعارض الكتاب في العراق والأردن والمغرب وإسبانيا والبرتغال والكويت ولوكسمبورغ وقطر وكولمبيا والجزائر وليبيا والمكسيك وكوستاريكا والإمارات. وفي عام 1997 اسس بالتعاون مع الكاتب عبد الهادي سعدون دار ومجلة (ألواح) في إسبانيا، يعمل حالياً أستاذ في جامعة سانت لويس الأمريكية في مدريد. كما أقام في الأردن خلال عاميْ 1993-1994 ويقيم في إسبانيا منذ عام 1995 ولا يزال هناك حتي الآن.
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة