إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب بعد الغروب pdf الكاتب محمد عبد الحليم عبد الله
"لم يكن أمامي بعد ذلك إلا خطوة أخيرة شاقة عسيرة، وهي أن أنحي عن طريقي أعز نفس على قلبي.. وتستطيع أن تتصور معي بؤس امرأة تجبرها الظروف على أن تمسك خنجراً لتغمده في قلب حبيبها، فسافرت إليك ثم التقينا في الغابة، وجعلت قبل لقياك أجمع أشتاتاً من الرذائل والشراسة والغدر والنسيان ثم أضيفها على نفسي ليخدعك ظاهري عن حقيقتي، فأعمي عليك الموقف. وما زلت كذلك حتى استطعت أن ألمح إليك بكلمة كم تمنيت بعدها أن يخلصني الموت من متاعب آثارها!؟ وكانت محدثتي لا تزال مطرقة، لكنني رأيت على خديها دمعتين كبيرتين تجريان على صفحتها الناصعة كما ينزلق الندي على بياض الزنبق. ومرت فترة سكون خلت معه أن أنفاسنا ستحتبس معه إلى الأبد، ولكننا تناظرنا بعده في وقت واحد وتنهدنا في لحظة واحدة. قلت: وهل تظنيني إلا صافحاً؟ فقالت: صافحاً.. وكريماً.. ثم تصافحنا ونحن في غمرة من الماضي تقرب أن تكون ذهولاً. هذا أنت يا صديقي ترى أن موكب الحياة قد يلفظ أناساً فيتخلفون فيه وهم في مقتبل العمر، فتجيش نفوسهم بآمال مختلطة يتحقق بعضها الآخر ولكن العظيم منا هو ما تبخل به علينا دنيانيا. وطلبت المال فوجدته ووجدت الشهرة فنلت منها ما يرضيني!! وأحببت الأسرة فأقمت دعائهما وأحطت وجودها وكانت هذه كبريات أماني. وتسألني اليوم بعد أن غربت شمسي ولم يبق لي من الحياة إلا آثار نور يرسلها الشفق وحده على أفقي، تسألني هل نلت كل ما تتمناه؟ فأقول لك: إلا شيئاً واحداً أعده اليوم وحده أعظم أماني جميعاً.. الولد!!.. الولد. معذرة يا صديقي.. كأننا لا نفهم حقائق الأماني إلا في أخريات العمر!.. بعد ألا يبقى لنا من آثار الحياة إلا النور الذي يرسله الشفق وحده!!.. أعني بعد الغروب".
رومانسية بريئة مفتقدة نلمحها في قصة محمد عبد الحليم عبد الله. "بعد الغروب" حكاية تروي آمالاً وأحلاماً تبعد وتختفي عند لحظة إنسانية مضمخة بعطر الغيرية. وموسومة بسمة التضحية المبذولة في سبيل والدٍ كانت له أمنية وهو على مشارف طريق الرحيل. لن نكون مغالين بأن القصة على الرغم من بعد المسافة بين يومنا، وأمسها، إلا أن الكثيرين يتوقون إلى قراءتها للاستمتاع بهذا النوع من العواطف، وبهذا النوع من الارتباطات الإنسانية العاطفية الشفافة التي تجمع بين فتاة وشاب يحملان أحلاماً وردية وأماني بريئة تسوق أحداثاً ممزوجة بالكثير من الوصفيات الرائعة التي تميز بها الكاتب والتي كما تعيد القارئ إلى الطبيعة، تعيد إلى ذاكرته علاقات الحب البريئة والقصص العاطفية المشبعة بالصور الحالمة وبالمشاعر الصادقة وبالعبارات المعبرة النقية الصافية.
هذا الكتاب من تأليف محمد عبد الحليم عبد الله و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
مؤلف وأديب مصري، ولد في 3 فبراير 1913 في كفربولين في محافظة البحيرة. أصبح أحد رموز الرواية في الأدب العربي الحديث، ومن أكثر الذين تحولت أعمالهم الأدبية إلى أفلام سينمائية بسبب ما تميز به من ثراء في الأحداث والشخصيات والبيئة المحيطة بها.. وهي الخصائص التي ميزت أعماله عن سائر الروائيين من جيله. مثل مسلسل لقيطة عن روايته بنفس الاسم وكذلك مسلسل شجرة اللبلاب عن روايته بالاسم نفسه وكذلك مسلسل للزمن بقية، وفيلم الليلة الموعودة وفيلم غصن الزيتون. تخرج في مدرسة "دار العلوم العليا" عام 1937. نشرت أول قصة له وهو ما يزال طالبا في عام 1933، وعمل بعد تخرجه محررا بمجلة "مجمع اللغة العربية" حتى أصبح رئيسا لتحرير مجلة المجمع واشتهر كواحد من أفضل كتاب الرواية المعاصرين. توفي بتاريخ 30 يونيو 1970. أنشئت مكتبة أدبية باسمه في قريته "كفربولين" التابعة لكوم حمادة بمحافظة البحيرة، وأقيم متحف بجوار ضريحه في قريته، وأبرز ما يوجد في المتحف المخطوطة الأولي لقصته "غرام حائر" . من أهم مؤلفاته:
1. بعد الغروب
2. شمس الخريف
3. الجنة العذراء
4. للزمن بقية
5. شجرة اللبلاب..
6. الوان من السعاده
7. غرام حائر.... وغيرها
كما كتب العديد من القصص القصيرة. ترجم العديد من أعماله إلي اللغات الفارسية، والإنجليزية، والفرنسية، الإيطالية، والصينية، والألمانية، كما تحولت معظم رواياته إلي أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية.
الكتب الأكثر قراءة