إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب الحنين إلى الأوطان pdf الكاتب عمرو بن بحر الجاحظ
يقول المصنف أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ حول كتابه أنه لكل شيء من العلم ونوعٍ من الحكمة وصنف من الأدب سبباً يدعو إلى تأليف ما كان فيه مشتتاً، ومعنىّ يحدو على جمع ما كان متفرقاً، ومتى أغفل حملة الأدب وأهل المعرفة تمييز الأخبار واستنباط الآثار، وضم كلّ جوهر نفسي إلى شكله، وتأليف كل نادر من الحكمة إلى مثله، مطلق الحكمة وضاع العلم، وأميت الأدب، ودرس مستور كل نادر.
ولولا تقييد العلماء خواطرهم على الدهر، ونقر آثار الأوائل في الصخر، لبطل أول العلم وضاع آخره، ولذلك قيل: لا يزال الناس بخير ما بقي الأول يتعلم منه الآخر. ويضيف الحافظ قائلاً بأن السبب على جمع نتف من أخبار العرب في حينها إلى أوطانها، وشدتها إلى قربها وبلدانها، ووضعها في أشعارها توقّد النار في أكبادها أنه كان قد فاوض بعض من انتقل من الملوك في ذكر الديار والنزاع إلى الأوطان، فسمعه بذكر أنه اغترب من بلد إلى آخر أمهد من وطنه، وأعمد من مكانه، وأصعب من جنابه، ولم يزل عظيم الشأن، جليل السلطان تدين له عشائر العرب سادتها وفتيانها، ومن شعوب العجم إنجازها وشجعانها، ويقود الجيوش ويسوس الحروب، وليس بما به إلا راغب إليه أو راهب منه، فكان إذ ذكر التربة والوطن حنّ غليه حنين الأمل إلى إعطائها. فكان من الجاحظ أن ألحق عليه فكرة جمع باقة من الأبيات التي أنشدها لفيف من الشعراء ذاقوا مرارة النأي عن الوطن، وعصفت بهم رياح الحنين والشوق إلي، فكان كتابه اللطيف "الحنين إلى الأوطان" الذي بين يدي القارئ، وأنه ورغم بعد الزمن بيننا وبين المصنف وزمن التصفيف إلا انه ما زال يحاكي الحنين إلى الوطن في زماننا هذا وفي كل زمان. إذ كان الجاحظ جمع فيه طائفة من الأبيات المعبرة الصادقة عن هذا الحنين، والتي هي في ذات الوقت تحمل سمات الإبداع الشعري فهماً معناً لدى شعرائنا القدامى.
هذا الكتاب من تأليف عمرو بن بحر الجاحظ و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الليثي الكناني البصري (159-255 هـ) أديب مسلم كان من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، ولد في البصرة وتوفي فيها. مختلف في أصله فمنهم من قال بأنه عربي من قبيلة كنانة ومنهم من قال بأن أصله يعود للزنج وأن جده كان مولى لرجل من بني كنانة بسبب هيئته. كان ثمة نتوء واضحٌ في حدقتيه فلقب بالحدقي ولكنَّ اللقب الذي التصق به أكثر وبه طارت شهرته في الآفاق هو الجاحظ، عمّر الجاحظ نحو تسعين عاماً وترك كتباً كثيرة يصعب حصرها، وإن كان البيان والتبيين وكتاب الحيوان والبخلاء أشهر هذه الكتب، كتب في علم الكلام والأدب والسياسية والتاريخ والأخلاق والنبات والحيوان والصناعة والنساء وغيرها. ولد في مدينة البصرة نشأ فقيرا، وكان دميما قبيحا جاحظ العينين عرف عنه خفة الروح وميله إلى الهزل والفكاهة، ومن ثم كانت كتاباته على اختلاف مواضيعها لا تخلو من الهزل والتهكم. طلب العلم في سن مبكّرة، فقرأ القرآن ومبادئ اللغة على شيوخ بلده، ولكن اليتم والفقر حال دون تفرغه لطلب العلم، فصار يبيع السمك والخبز في النهار، ويكتري دكاكين الورّاقين في الليل فكان يقرأ منها ما يستطيع قراءته.
كانت ولادة الجاحظ في خلافة المهدي ثالث الخلفاء العباسيين ووفاته في خلافة المهتدي بالله سنة 255 هجرية، فعاصر بذلك 12 خليفة عباسياً هم: المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله، وعاش القرن الذي كانت فيه الثقافة العربية في ذروة ازدهارها.
أخذ علم اللغة العربية وآدابها على أبي عبيدة صاحب عيون الأخبار، والأصمعي الراوية المشهور صاحب الأصمعيات وأبي زيد الأنصاري، ودرس النحو على الأخفش، وعلم الكلام على يد إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام البصري.
كان متصلا -بالإضافة لاتصاله للثقافة العربية- بالثقافات غير العربية كالفارسية واليونانية والهندية، عن طريق قراءة أعمال مترجمة أو مناقشة المترجمين أنفسهم، كحنين بن إسحق وسلمويه. توجه إلى بغداد، وفيها تميز وبرز، وتصدّر للتدريس، وتولّى ديوان الرسائل للخليفة المأمون. انتـهج الجاحظُ في كتبه ورسـائله أسلوباً بحثيًّا أقلُّ ما يقال فيه إنَّهُ منهجُ بحثٍ علميٍّ مضبوطٌ ودقيقٌ، يبدأ بالشَّك لِيُعْرَضَ على النَّقد، ويمرُّ بالاسـتقراء على طريق التَّعميم والشُّـمول بنـزوعٍ واقعيٍّ وعقلانيٍّ، وهو «في تجربته وعيانه وسماعه ونقده وشكِّه وتعليله كان يطلع علينا في صورةِ العالم الذي يُعْمِلُ عقله في البحث عن الحقيقة، ولكنَّه استطاع برهافة حسِّه أن يسبغ على بحثه صبغة أدبيَّةً جماليَّة تُضفي على المعارف العلميَّة رواءً من الحسن والظَّرْف، يرفُّ بأجنحته المهفهفة رفيف العاطف الحاني على معطيات العلم في قوالبها الجافية، ليسيغها في الأذهان ويحببها إلى القلوب، وهذه ميزة قلَّت نظيراتها في التُّراث الإنساني. ويتحدّث كتّاب السير عن نهايته في عام 868م الموافق لسنة 255 هـ وقد نيف على التسعين سنة. وله مقالة في أصول الدين وإليه تنسب الجاحظية. وقد هدّه شلل أقعده وشيخوخة صالحة، عندما كان جالسا في مكتبته يطالع بعض الكتب المحببة إليه، فوقع عليه صف من الكتب اردته ميتاً، لقد مات الجاحظ مدفونا بالكتب, مخلفاً وراءه كتباً ومقالات وافكاراً ما زالت خالدةً حتى الآن.
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة