إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب مُشْكِل مصطلحي الحديث والمعاصر في الأدب العربي pdf الكاتب أ.د. محمد عبد الله سليمان
إن مشكل تعريف المصطلح الأدبي مشكل قديم متجدد ، وهو ليس خاصاً بالأدب العربي وحده بل بكل الآداب العالمية ، فهي مشكلة تواجه الأدب أينما كان ، ولعل ذلك يرجع إلى أن عملية الخلق الفني عملية معقدة وغير متناهية في تطورها ، ففي كل مرة يتم اكتشاف أشكال ، ومصطلحات ، وتقنيات جديدة للأدب ، ومنذ أقدم العصور لا يكاد النقاد يتواطئون على تعريف مصطلحات مشهورة كمصطلح (الأدب) أو (الشعر) أو في العصر الحديث (كالرواية) أو(الصورة الفنية) على سبيل المثال ، فليس هناك تعريفات جازمة للمصطلحات الأدبية ، وربما تكون هناك مفاهيم، أو توصيفات للمصطلح ، وهذا الأمر لا يشكل مصدر قلق بالنسبة للنقاد والمهتمين بالإبداع الأدبي بل يقف شاهدا على مرونة الأدب ، ومصطلحاته ولكن لا يمنع ذلك من أن نفرق بين مفاهيم المصطلحات الأدبية ومدلولاتها ، وحدودها ، وخصائصها ومن ذلك مصطلحي الحديث والمعاصر فهما يحدثان إرباكا كبيرا في مجال الدراسات الأدبية .
فبعض المؤرخين للأدب لا يرون فروقاً بين الحديث والمعاصر وعندهم أن ّكل ما كان بعد دخول نابليون مصر سنة 1798 إلى يومنا هذا فهو حديث أو معاصر ، وهناك من يفرق بين الحديث والمعاصر فالحديث عنده منذ دخول نابليون مصر وحتى نكبة 1948 ، أو الحرب العالمية الثانية ، وربما مصطلحي الحديث والمعاصر لا يشكلان إرباكا للأدب وحده بل لكثير من العلوم كالتربية والفلسفة وعلم النفس غيرها.
ونعتقد أن ثمة فروق أساسية بين مصطلحي الحديث والمعاصر من حيث المفهوم ، والحدود الزمنية ، والخصائص الفنية للأدبين الحديث والمعاصر لاسيما وان هناك ضبابية في الرؤية عند استخدام المصطلحين لدى النقاد ، وفي المقررات الدراسية في الجامعات العربية ، فمنهم من يستخدم الحديث والمعاصر بمفهوم واحد على أنهما مترادفان .
ويرى بعض النقاد والمؤرخين للأدب أن الحديث يبدأ من حملة نابليون على مصر 1798وينتهي بنكبة 1948 ، حيث حدثت متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وأدبية ، بعد هذه النكبة وأصبح للأدب خصائص فنية تختلف عن فترة ما قبل النكبة ، وبالتالي أصبح هنالك مفهوم للمعاصر يختلف عن الحديث.
لقد حدث في الأدب المعاصر متغيرات كبيرة فيما يتعلق بشكل ومضمون الأدب متغيرات فرضتها معطيات الواقع المعاصر في صورته الشاملة التي تسربت في كل نواحي الحياة بما في ذلك الجانب الأدبي الذي لا يعيش في عزلة عن الواقع . ويذكر النقاد بعض الخصائص للأدب المعاصر، يقول الدكتور محمد إبراهيم أبو سنة في كتابه " تجارب نقدية وقضايا أدبية " " هذه المرحلة المعاصرة طرحت في عالم الشعر تجربة كانت منذ اللحظة الأولى جديدة ... فحدث تغيير جوهري في شكل القصيدة وفي مضامينها على السواء" ويقول الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه " آفاق الشعر الحديث والمعاصر في مصر " الشاعر مطالب في إطار التجربة الجديدة بأن يجاوز ذاته الفردية إلى الذات الجماعية التي ينتمي إليها " ولقد أضافت كتابة القصيدة المعاصرة بطريقة جديدة معاني جديدة للشعر أو تعميق معنى موجود أصلاً " يقول الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه الآنف الذكر " أصبح لشكل الكتابة ، ولكيفية الكلام على الصفحة ، وكيفية استخدام العلامات الكتابية ، دور مهم في تشكيل المقول الشعري ومن ثم توجيه المعنى ، إن النقاط والفواصل والفواصل المنقوطة والأقواس والحروف المائلة وتفاوت درجات القتامة في بعض الكلمات وما شابه ذلك من وسائل تمييز الكتابة كل هذا صار له أثره في توجيه نظر القارئ ولفته إلى حركة المعنى "
ولكن في ختام هذا المقال تبقى التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات إلى متى سيظل الحديث حديثاً في الأدب العربي ، أم أنه سيصيبه القدم ؟ وهل المعاصر سيظل معاصراً باستمرار ، أم أنه سينتقل إلى الحديث ؟ فيصبح المعاصر حديثاً والحديث قديما ؟.
أ.د. محمد عبد الله سليمان
هذا الكتاب من تأليف أ.د. محمد عبد الله سليمان و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
أ.د. محمد عبد الله سليمان- أكاديمي وناقد من السودان ولد بمدينة المسعودية 1964 حاصل على بكالوريوس اللغة العربية وآدابها 1988 ودرجة الماجستير 2005 والدكتوراه 2008 والأستاذية 2018 عمل في جامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم كلية اللغة العربية وشغل عددا من المناصب منها عميد مكلف 2010 رئيس قسم الأدب والنقد مؤسس ورئيس تحرير مجلة كلية اللغة العربية يعمل من العام 2015 وحتى الآن بجامعة الملك فيصل كلية الآداب قسم اللغة العربية يعمل أستاذا للدراسات العليا بالجامعتين شارك في العديد من المؤتمرات وله العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات الصحفية.
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة