إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب من سيخرج المسلمين من التيه pdf الكاتب د. حامد العطية
أعطينا الوجهة الصحيحة والواسطة الكفيلة بإيصالنا إلى الأحسن فالأحسن، لكننا صرفنا أنظارنا عن الغايات المنشودة، وأهملنا الوسائل المشروعة، لذلك وقعنا في التيه، فتعذر بلوغ الحسن وغدا الأحسن بعيد المنال.
كل أحوالنا تدل على أننا سائرون في التيه، ومن أبرزها تفرقنا في فهم وتطبيق الدين بدلاً من التمسك بحبل الله، واستقلالنا المنقوص نتيجة ضعفنا وتشرذمنا وسيطرة من هو أقوى منا على قراراتنا ومقدراتنا، وتخلفنا نتيجة اخفاقنا المزمن في استغلال مواردنا الكثيرة، وعندما يقال بأن المسلمين فاشلون أو متخلفون عادة ما يرد إلى الأذهان وجود صلة ما بين أوضاعنا المزرية وعقيدتنا، وبالتالي فنحن لم نحصل على الفوائد الجمة من عقيدتنا فقط بل أسأنا إلى سمعة هذه العقيدة في أوساطنا ولدى الغير.
نحن صنعنا المتاهات بعقولنا الملوثة بالموروث والأهواء، فكان من المحتم أن نضيع داخلها، هكذا حكمنا على أنفسنا، لم يكن عقاباً ربانياً، بل نتيجة مكتسبة، هي متاهات قديمة عمرها قرون، بدأت كبيرة أصلاً، ثم ترسخت وتجذرت عبر القرون، كنا وما نزال الأغنى بين كل البشر، والأفقر أيضاً، بعد كل غنائم الحروب الأولى حل عام المجاعة، ومن لم تقتله الحرب من أجل الغنائم مات بطاعون عاموس، نحن الأغنى بالجزية والخراج والغنائم وكنوز الأرض والأفقر بالإنتاج والمعرفة والكرامة والعزة.
نحن تائهون، ولا تطلبوا شهادة على ذلك من حكامنا فهم ومنذ أربعة عشر قرناً يمنوننا بالعيش الرغد، وهم أول من قادنا إلى التيه، وآخر من يقرّ بأننا تائهون هم مثقفونا لأن ذلك يعد انتقاصاً من مواهبهم وإسهاماتهم التي لم تفلح في إخراجنا من التيه، ولا تستفتوا في الأمر فقهاء ديننا فهم أيضاً مسؤولون عن وضعنا المزري، فبفضل تفاسيرهم وفتاواهم ورسائلهم أضلونا مرة بعد أخرى وأدخلونا في متاهات، وهم يدعون بأنهم يدلونا على الطريق القويم، فما أشبههم بكهان الديانات السالفة.
التيه أسوء ما يمكن أن يحدث للفرد أو الجماعة، هو نتيجة جهل الغاية الصحيحة أو الطريق المفضي إليها، أو الإثنين معاً، وقد يدرك عقل الإنسان الغاية والوسيلة لكنه يتركهما مدفوعا بأهوائه الأنانية وتأثره بالموروث، وما أن يقع في التيه، ويسير فيه حتى يستولي التيه ومنطقه الداخلي المعوج، أي الغي، على عقله وتفكيره، وكما سولت العقول المنحرفة للناس قبل الإسلام قتل أولادهم يحبب سفه التيه للنفوس تشبثها بالطريق غير القويم، فيصبح من الصعب الخروج من التيه، وعندما يصبح الانحراف المنهج الرسمي المعترف به يكون من الصعب جداً إقناع الآخرين بحقيقته والطلب منهم الوقوف بوجهه.
المطلوب إحداث ثغرة في جدار التيه، ينفذ منها العقل المسلم من الأطر الضيقة والصارمة المهيمنة على التدين الموروث، لكي يتمكن من إعادة النظر والتقييم للمتراكم، والعودة إلى الجذور في القرآن الكريم وما يتفق معه من السنة النبوية، وصولاً إلى فهم صحيح للعقيدة وتطبيق فعال لها، ويتطلب ذلك مراجعة موضوعية لمواقف وأحداث تاريخية نتجت عن قرارات واختيارات من فرد أو فئات، أضفيت عليها شرعية دينية، وأدخلت مع مرور الزمن هيكل المقدس الموروث، فغدا من الصعب بل من المحظور تحليلها والحكم عليها، وهي قاعدة ومنطلق الانحرافات المفضية إلى التيه، والهدف من هذا الكتاب محاولة فتح ثغرة في البنيان العقائدي السائد تسمح بطرح مفهوم مغاير لغايات الدين ووسائله ومنهجه التطويري.
يتكون هذا الكتاب من جزأين، يبين الجزء الأول المتاهات التي وقع فيها المسلمون وأبعدتهم عن المنهج والمسار الصحيحين، وأصل المتاهات إغفال غايات الخلق وسبيل تحقيقها، وعدم جعلها عند أعلى مستويات التركيز والاهتمام، وبالتالي اهمال التعرف على متطلبات تحقيقها، على المستويين الجماعي والفردي، مما أدى إلى تشويه الدعوة وانحرافها بدرجة كبيرة عما أريد لها، وهكذا أخفقت جهود وطاقات حتى المخلصين من أتباع الدعوة في المساهمة نحو تحقيق الأغراض الكونية، وكانت بالحصيلة المدخل الضيق إلى المتاهة أو المتاهات الواسعة للدعوة.
يقدم الجزء الثاني الإطار العام للمنهج القرآني الأصيل، ويتضمن مقدمة وعدداً من الفصول، وتشرح المقدمة المنهج الفكري المعتمد في تبيان هذا المنهج، ومنطلق المنهج هو معرفة غايات الخلق ومسار تطوره، ففي البدء خلق البشر للخلافة في الأرض، وكل البشر خلفاء، وللخلافة غايات عظمى، وتندرج هذه الغايات تحت غايتين رئيستين هما الإحياء والإصلاح.
تحميل كتاب من سيخرج المسلمين من التيه PDF - د. حامد العطية
هذا الكتاب من تأليف د. حامد العطية و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
د. حامد العطية: السيد عبد الله بن حمد العطية الرجل الوطني العربي الذي ظهرت قيمته وعرفت أهميته وقد روي عن نفسه : ( ثلث عمري قضيته في العراق، والبقية في بلاد العرب والأفرنج طالباً وموظفاً وهارباً من طغيان وبطش الحكام، أكثر من مرة سألوني: هل أنت عراقي بحق؟ وكنت أجيبهم بسؤال: لم تستغربون؟ فيأتي ردهم: ليس فيك من حدة طباع العراقيين، لقد اقترنت صورة العراقي في أذهان العرب بالمزاج الناري وسرعة الغضب والبطش والرعونة وغيرها من الصفات الدالة على ميله للعنف، كان أقوى دليل يسوقونه على هذا التوصيف السلبي مجزرة قصر الرحاب التي راح ضحيتها أفراد العائلة المالكة الهاشمية في أواسط القرن الماضي، أما الآن وبعد ذيوع أخبار القتل الجماعي للمدنيين العزل بالتفجير والإعدام والذبح فمن يجرأ على مطالبتهم ببرهان؟ منذ ولادتي والعراق يذبحني، مرات ومرات كل عام، لم أتم عاماً من عمري عندما تآمرت زوجة أبي لأفطم قبل الآوان، وقبل أن اتعلم المشي ابتلعت قطعة معدن دستها لي خادمتها فكدت أموت خنقاً، ولا أتذكر من بيئة طفولتي سوى الرعب، في النهار رعب من الأقارب الحاقدين عليك لحد القتل، وفي الليل رعب من المخلوقات الخفية التي تتربص بك وراء ظلال نور الفانوس، لكي يستنقذني والدي من رعب الريف قذف بي إلى رعب مدرسة عادل، حيث يعذب الطلاب تحت ستار التعليم والتأديب، ولا أتذكر من تلك السنة العجفاء سوى الرعب من خيزرانة زوج المديرة وانتحار ابنتها، ونزولاً عند توسلات والدتي أعادني أبي إلى مدينتنا الصغيرة في الجنوب، وكانت سكين الذبح العراقي بانتظاري، ففي صيف ذلك العام حدث انقلاب الرابع عشر من تموز، وكما استبدلوا الملكية بالجمهورية تحول أبي من شيخ قبيلة إلى اقطاعي، ودفعت أنا الثمن، فقد كان يحلو للمناضل الشيوعي الكبير "الجميلي"، المعلم في مدرستي الإبتدائية، وضع حبل السحل في رقبتي اثناء الاصطفاف الصباحي ليعلن للجميع من معلمين وطلاب بأن مصير الإقطاعيين وأولادهم السحل، كنت في العاشرة من عمري، وكان العراق الشيوعي يذبحني كل يوم بعد أن ذبحني العراق الملكي مرات، وما أن انقضى العام الدراسي حتى شد والدي الرحال إلى بغداد، هروباً من شماتة أفراد قبيلته، الذين كانوا بالأمس يقبلون يده وأصبحوا يتظاهرون أمام بيته منادين بسحل جميع الإقطاعيين في بغداد كان الغول الحضري (ولا أقصد الحضاري) بانتظاري ليذبحني هو الآخر كل يوم بالسخرية من لهجتي الجنوبية وسلوكي المعيدي، وإذا كان أولاد الحضر البغداديين بتلك القسوة فلاعجب أن يكون أولادهم اليوم في مقدمة الذباحين ومناصريهم، تمقت المدرسة التي لا صاحب لك فيها ولا تسمع فيها سوى كلمات ساخرة مغموسة بالسم لم يعلق في ذهني منها سوى "جا" بالجيم المثقلة كما ينطقها أهل الجنوب، ولم يكن شوكت أو بهجت أو نصرت البغدادي، الذي لا زالت أمه ترطن بالتركية حتى السبعينات من القرن الماضي مع "باجياتها"، يدري بأن لغة أهل جنوب العراق (وهي بالفعل لغة لا مجرد لهجة) هي الأثرى من بين كل لهجات العرب المعاصرين بالكلمات الفصحى التي قد تستعصي معانيها حتى على المختصين باللغة العربية، كما اثبت ذلك في كتابي عن مدينة الشامية وهو نائب رئيس مجلس وزراء دولة قطر ولد عام 1952م حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة الإسكندرية - جمهورية مصر العربية عام 1976م.
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة