تحميل كتاب سيرة شجاع PDF

إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي

كتاب سيرة شجاع PDF

تحميل كتاب سيرة شجاع PDF

تحميل كتاب سيرة شجاع pdf الكاتب علي أحمد باكثير

ولم تكن أم الفضل تعلم حين أرسلت كلمتها تلك معربة عن قلقها على شقيقتها، أن شقيقتها قد تركت منذ ضحى ذلك اليوم دار الوزارة التى كان يقيم فيها شاور مع أهله وانتقلت بحاشيتها وخدمها وحشمها إلى "بيت سعيد السعداء" الذى يملكه زوجها والذى كان قد نزل بأهله فيه أول مقدمة من الصعيد قبل أن يلى الوزارة بقليل. 
ولا كانت تعلم أيضا أن رجال ضرغام لم يتركوها بعد ما تركت لهم دار الوزارة، بل ظلوا يتعقبونها فى بيتها الجديد، فطرقوا بابه عليها ليلا فروعوها وروعوا حاشيتها، ثم اقتحموه، فطفقوا يفتشونه حجرة حجرة وركنا ركنا وهم يبحثون عن شاور لعله أن يكون مختبئا في، فلما لم يجدوا له أثرا، أقبل رئيس الجماعة نحوها فى وقاحة وسوء أدب فقال لها فى غلظة وتهديد: خبرينا الآن يا هذه.. أين هرب زوجك! 
فاستشاطت أم سليمان غضبا وصاحت فى وجهه: قبح الله من أرسلك، ألم يجد رجلا غيرك يعرف كيف يخاطب النساء ويحترم آداب البيوت؟ -ويلك أما تعرفين من أنا؟
-من تكون؟ 
-أنا همام بن سوار أخو ضرغام الذى ألصق أنف زوجك بالرغام! 
-حقا قد نم أصلك عن سوء أدبك.. والله لئن يكون أخوك مثلك ليكونن سبة هذا البلد إلى الأبد! 
-آه لو لم تكونى امرأة! 
-ماذا كنت تصنع أكثر مما صنعت؟ 
-خبرينى أين اختبأ زوجك؟ 
-لو كنتم تفقهون لعلمتم أن أبا سليمان لا يختبىء فى البيوت كالنساء. 
-فأين ذهب؟ 
-يالك من أريب ألمعى! ترانى قابعة هنا فى بيتى وتسألنى أين ذهب، ذهب ليضرمها نارا عليكم! 
-هيهات! لنمسكنه غدا فلنصلبنه على باب القنطرة! 
-إن ظفرتم بأبى سليمان فلا تستشيرونى فيه! 
فانتفض همام غضبا، وتهدج صوته وهو يقول متشفيا: إذن فاعلمى يا أم سليمان أن سليمان قد ذبح. 
فانتفضت أم سليمان جزعا ثم تجلدت وقالت: إن يكن ما تقول حقا فلا بأس، قد بقى لى طىء وشجاع. 
-وطئ أيضا قد ذبح! 
فوجمت أم سليمان هنية ونظرت إلى من حولها من الحاشية فوجدتهم جميعا واجمين، وكأنما أشفقت أن يقول لها: "وشجاع أيضا" فصمتت ولم تجب، ولكن هماما مضى يقول: "ولولا أن ضرغام أخى قد غلبه الكرم وهزته الأريحية لألحق شجاعا أيضا بأخويه"! 
وهنا استعبرت أم سليمان إذ قطعت هذه الجملة كل شك عندها فى صدق ما سمعت. فلو كان يريد ترويعها بالكذب لزعم لها أيضا ذبح شجاع. فلاذت بمنديلها تجفف به دمعها، ثم التفتت إلى همام وقالت له فى صوت هادئ. 
-إذا رجعت إلى أخيك ضرغام فبلغه عنى السلام وقل له: تقول لك أم شجاع جزاك الله عن ابنها خيرا! 
فأطرق همام لما سمع هذه الكلمة كأنما يلوم نفسه على ما بدر منه فى حق هذه السيدة الثكلى من الغلظة والجفاء، ثم رفع رأسه فى حياء وتمتم قائلا دون أن ينظر إليها: سأبلغه رسالتك يا أم سليمان!.. قال ذلك وأومأ إلى رجاله فخرجوا خلفه.

هذا الكتاب من تأليف علي أحمد باكثير و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

هو علي بن أحمد بن محمد باكثير الكندي، ولد في 15 ذي الحجة 1328 هـ الموافق 21 ديسمبر 1910م، في جزيرةسوروبايا بإندونيسيا لأبوين يمنيين من منطقة حضرموت. وحين بلغ العاشرة من عمره سافر به أبوه إلى حضرموت لينشأ هناك نشأة عربية إسلامية مع إخوته لأبيه فوصل مدينة سيئون بحضرموت في 15 رجب سنة 1338هـ الموافق 5 أبريل1920م. وهناك تلقى تعليمه في مدرسة النهضة العلمية ودرس علوم العربية والشريعة على يد شيوخ أجلاء منهم عمه الشاعر اللغوي النحوي القاضي محمد بن محمد باكثير كما تلقى علوم الدين أيضا على يد الفقيه محمد بن هادي السقاف وكان من أقران علي باكثير حينها الفقيه واللغوي محمد بن عبد اللاه السقاف. ظهرت مواهب باكثير مبكراً فنظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتولى التدريس في مدرسة النهضة العلمية وتولى إدراتها وهو دون العشرين من عمره. وصل باكثير إلى مصر سنة 1352 هـ، الموافق 1934 م، والتحق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) حيث حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الأنجليزية عام 1359 هـ / 1939م، وقد ترجم عام 1936 م أثناء دراسته في الجامعة مسرحية(روميو وجولييت) لشكسبير بالشعر المرسل، وبعدها بعامين -أي عام 1938م - ألف مسرحيته (أخناتون ونفرتيتي) بالشعر الحر ليكون بذلك رائد هذا النوع من النظم في الأدب العربي. 
التحق باكثير بعد تخرجه في الجامعة بمعهد التربية للمعلمين وحصل منه على الدبلوم عام 1940م وعمل مدرسا للغة الإنجليزية لمدة أربعة عشر عاما. سافر باكثير إلى فرنسا عام 1954م في بعثة دراسية حرة.
بعد انتهاء الدراسة فضل الإقامة في مصر حيث أحب المجتمع المصري وتفاعل معه فتزوج من عائلة مصرية محافظة، وأصبحت صلته برجال الفكر والأدب وثيقة، من أمثال العقاد وتوفيق الحكيم والمازني ومحب الدين الخطيب ونجيب محفوظ وصالح جودت وغيرهم. وقد قال باكثير في مقابلة مع إذاعة عدن عام 1968 أنه يصنف كثاني كاتب مسرح عربي بعد توفيق الحكيم.