إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب الغجرية ويوسف المخزنجي pdf الكاتب إدوار الخراط
سقط وضاح الحداد علي الرمل بثقل، رفع ذراعيه العضلتين، بدأ يجذب الخيمة المطوية الضخمة، يساعده عواد أبو مزمار الذي بدأ مبتسم السن، هو ضاحك وسعيد باستمرار، مكشوف الرأس، يلبس جاكته كاكي لها جيوب كثيرة، جيبه العلوي اليمين واسع تثقله وتجذبه إلي الأمام أشياؤه: علبة سجاير مارلبورو، ولاعة ذهبية كبيرة- من اين استولي عليها؟- ويطل منه منديل محلاوي كبير مربعات يبدو طرفه المتغضن غير تام النظافة.
يعتلان الخيمة المطوية، يسقطانها علي الرمل بصوت هدة مكتومة. يذهب كل منهما إلي طرف يشده ويقيم عوجه. بينما آخذ رواد أبو رق، مدور الجبهة، عاقد الحاجبين بعكوف الاستغراق فيما هو بسبيله، يدق الأوتاد الخشبية القصيرة المتينة في المواقع التي يراها صلبة أو حجرية تحتمل الثقل الذي سوف توكل بعبئه، يسندها بصخور قوية جمعها بخفو من حول العربة الكارو، وقد رفع الحمار الفاره رأسه الضخم عالياً وصدر عنه نهيق عال متراوح متردد الجنبات، يحيى خفة الحمل الذي كان ملقى عليه.
إذ أخذت الخيمة يشتد قوامها وتنبسط جوانبها العريضة وسقفها الواطئ، ظهرت من خلفها جماعة صغيرة خطفت عيني المخزنجي إذ يلمح خطوطها من بعيد، الملابس النسائية الملونة زاهية الخضرة تنسدل علي الأفخاذ المدكوكة والسيقان المخروطة، والأحزمة الحمراء العريضة تحيط ببطون هضمية.
سوف يعرفهن المخزنجي معرفة الحميم للحميم. مانورة عين الليل، مدورة الوجه، مدورة الجسم، الملكة الغجرية فاحشة الجمال، فاحشة السطوة. ريم قمر القلوب، رقيقة رهيفة يعينين فاحمتي السواد ثاقبتين بالنعومة والحزن غير المبرر غير المفهوم، محاسن المطيباتية التي فاتها الحسن ولم تفتها المناغشة الدائمة كأنما تستغفر بها عن افتقارها لبهاء مانورة الساحق ووداعة ريم الآسرة، لواحظ نجمة الجماعة المتألقة، سوف ترقص وتغني للصبح. ومعهن، وعلي رأسهن، أم رضوان، العجوز الحكيمة عارفة الأسرار ومهيئة الأقدار.
هذا الكتاب من تأليف إدوار الخراط و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
إدوار الخراط (16 مارس 1926 - 1 ديسمبر 2015) كاتب مصري ولد بالإسكندرية لعائلة قبطية أصلها من الصعيد، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1946م، عمل في مخازن البحرية البريطانية في الكبارى بالإسكندرية، ثم موظفا في البنك الأهلى بالإسكندرية، عمل بعدها موظفا بشركة التأمين الأهلية المصرية عام 1955م، ثم مترجما بالسفارة الرومانية بالقاهرة. اعتبرت أول مجموعة قصصية له (الحيطان العالية) 1959 منعطفًا حاسمًا في القصة العربية إذ ابتعد عن الواقعية السائدة آنذاك وركّز اهتمامه على وصف خفايا الأرواح المعرَّضة للخيبة واليأس، ثم أكدت مجموعته الثانية (ساعات الكبرياء) هذه النزعة إلى رسم شخوص تتخبط في عالم كله ظلم واضطهاد وفساد.
أما روايته الأولى (رامة والتِنِّين) 1980 فشكّلت حدثًا أدبيًا من الطراز الأول، تبدو على شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية. ثم أعاد الخراط الكرة بـ(الزمان الآخر) 1985 وبعدد من القصص والروايات (وإن صعب تصنيف هذه النصوص) متحررة من اللاعتبارات الإديولوجية التي كانت سائدة من قبل. صدر لإدوار الخراط أكثر من 50 كتابًا قصصيًا أو شعريًا أو نقديًا، ومن مؤلفاته:
حيطان عالية
ساعات الكبرياء
رامة والتنين
الزمن الآخر
أضلاع الصحراء
كما قام بترجمة أربعة عشر كتاب إلى اللغة العربية، وعدد من المسرحيات والدراسات.
حصل على جائزة الدولة التشجيعية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1973م.
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة