إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب الرواية وتأويل التاريخ - نظرية الرواية والرواية العربية pdf الكاتب فيصل دراج
جاءت بداية الرواية العربية مع بدايات القرن العشرين، دون أن يزامنها صعود في "علم التاريخ" أو في غيره من العلوم. انطوت البداية الروائية العربية على مفارقة ظاهرة، ذلك أنها ولدت في "شرط غير روائي" لم تنجز فيه البرجوازية العربية ثورتها ولم يعرف الواقع العربي فيه ثورات جذرية. كأن هذه الرواية ولدت معوّقة، وافدة شديدة التلعثم لحظة، ومليئة بالوهم تُرَهِّنُ "المقامة" لحظة أخرى، وهي في الحالين بعيدة البعد كله عن الشرط الأوروبي الذي سوّى روايته، وأرسل إلى ثقافات مغايرة، تحاكيها باضطراب وتملي عليها أن تخلق رواية مختلفة. ولعل هذا الفرق بين زمن أوروبي ينتج رواية مسيطرة وزمن عربي لا يسائل الأصول هو الذي جعل من "التاريخ" موضوعاً مسيطراً في الرواية العربية المتنامية، إذ الروائي يسائل في تاريخه الوطني المخذول انتصار التاريخ الذي هزمه، بقدر ما يحاور "مؤرخاً" صامتاً، يقول ما أملى عليه "الواقع المقيّد" أن يقوله، لا أكثر. لقد كتبت الرواية العربية التاريخ المعاصر الذي لم يكتبه المؤرخون، متطلعة إلى تاريخ سويّ محتمل، وحالمة بمدن تعطي الرواية قراءة مجتمعية.
وهذا الكتاب يقرأ في الرواية التاريخ الذي تأملته واحتجت عليه، ويقاربها من وجهة نظر الموضوع الذي صححت أسئلته، مكتفياً بمعنى التاريخ وبالأسئلة التي يثيرها، وهي كثيرة. ومع أن في الموضوعية الروائية ما يثير التشاؤم، فإن هذا التشاؤم أكثر نفعاً من تفاؤل إيديولوجي ضليل، ذلك أن هذه الموضوعية تنقض "الحياد" الذي لا وجود له، وتشتق الالتزام من المعرفة والأخلاق والمدن القادمة.
هذا الكتاب من تأليف فيصل دراج و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
ولد عام 1942. تخرج في فرنسا حاملاً الدكتوراه. عضو جمعية النقد الأدبي. فيصل دراج يستحق ما هو أفضل من الكلمات، هو ناقد كبير و هو في ملمح من عالمه المتعدد أحد المغتربين الكبار في هذا العالم، هو اغتراب له ملابسات و أسباب استثنائية و ستظل كذلك في تاريخ الإنسانية كلها. هو ككل مواطن فلسطيني يكابد من العناء ما يفوق التصور، يستيقظ مبكرا كل يوم و يعمل كثيرا و يحلم بأوطان أخرى مغايرة خارج هذا العالم، إذ هو أحد الممتلكين النادرين لجمع الاستثنائيات التي يزاوجها، فلديه رؤية الفيلسوف والناقد المتأني، موهبته لم تمنح سوى لقلة. دراج هو صاحب مشروع كبير و غني و متتناغم لم يقنع في نقده بمتابعة الأعمال أو يكرس لهالات مجد زائفة لظواهر عابرة لدية نظرة استكشافية، قادر من خلالها أن يميز ما ينتمي للإبداع الإنساني الحقيقي و ما ينهل من المنابع السطحية. إن الأمل و الفجيعة قادا فيصل ليستكشف و يبلور موقفه المدافع عن الوطن في منأى عن أشكال الاستبداد، بعيدا عن الزيف متعدد الأقنعة، في كتاباته استنهض بالمعرفة العميقة ليصل بالثقافة الفلسطينية للعالم الإنساني كله بعيدا عن النظريات المستمدة من سياقات أخرى. مشروعه النقدي بمثابة ثمرة نبتت في مناخ مناوئ في ظل عواصف، لذا كانت ثمرة عطية، فهو تمثيل خاص للمثقف الكبير و الحر. اهتم فيصل بعلاقة الثقافة و السياسة التي لم تبعد عن علاقة كل هذا بفلسطين، وانتهى إلى أن سؤال الثقافة لا ينخلع عن سؤال الدولة.
الكتب الأكثر قراءة