إياك والخلط بين الحركة والفعل. #إرنست همنغواي
تحميل كتاب السمان والخريف pdf الكاتب نجيب محفوظ
"اقترب في خطوات قوية رشيقة تلمع في عينيه نظرة جريئة نافذة. التقت عيناهما وهو يدخل المحل فحدجه القادم بنظرة قوية أدرك منها أنه تذكره ثم حول عنه وجهه المستطيل المتناسق وهو يكاد يبتسم ثم مضى نحو ركن عصير الفاكهة. هو هو دون غيره، أيام الحرب الكالحة، ليلة قبض على الشاب فشهد هو التحقيق معه، بصفته الرسمية والحزبية، حتى مطلع الفجر. وكان الشاب جريئاً وعنيفاً ولم ينته التحقيق معه إلى إدانة ولكنه أُرسل إلى المعتقل ولبث فيه حتى إقالة الوزارة. ترى ماذا يفعل الآن؟ وهل يحظى في العهد الجديد بمنزلة سامية؟ أم لا يزال ثائراً؟ ولِمَ ابتسم؟ من المؤكد أنه تذكّره فهل يتوقّع من ناحيته مفاجأة سيئة؟ وقرّر أن يطرده عن خاطره ولكنه التفت نحو ركن الفاكهة بدافع لم يستطع مقاومته فرآه واقفاً متجهاً إلى داخل المحل قابضة يمناه على كوب من عصير المانجو، ويرنو إليه بنظرة استطلاع وتأمل وفي عينيه شبه ابتسامة ساخرة. وأعاد رأسه إلى الخارج وهو من الضيق في غاية، وكأن في الماضي من خلال هذه النظرة يطارده. وما لبث أن قام ثم غادر المحل ماضياً إلى الكورنيش رأساً. ولم يخطر له أن يعود إلى البيت، بل دخيل إليه أنه لم يعد له بيت على الإطلاق، ومال بعد مشية غير قصيرة إلى الميدان ثم جلس على أريكة تحت تمثال "سعد زغلول". على الرغم من تقادم الذين على روايته "السمّان والخريف" إلا أن نجيب محفوظ ما زال يُقرأ بشغف، وما زال عمله الروائي ذاك يجد مساحة واسعة إن بالنسبة لمتعة القراءة أو للتحليل النفسي أو للأسلوب الأدبي الروائي الرائع، ناهيك عن تحوّل روايته تلك إلى عمل درامي سينمائي لاقى من النجاح لاقى. لن يقف الزمن حجر عثرة بين القارئ وبين هذا العمل الروائي إن من حيث الموضوع أو من حيث المعالجة أو من حيث الأسلوب، فمن خلال أسلوبه الشيق، السهل الممتنع، يمتع نجيب محفوظ القارئ بموضوع هو إلى حد ما تاريخي سياسي اجتماعي شيّق تتداخل في ثناياه وقائع حياتية ما زال إنسان هذا العصر يعايشها ويتعايش معها بكل دقائقها.
هذا الكتاب من تأليف نجيب محفوظ و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها
روائي مصري حائز على جائزة نوبل في الأدب. وُلد في 11 ديسمبر 1911، وتوفي في 30 أغسطس 2006. كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004. تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها ثيمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم. من أشهر أعماله الثلاثية وأولاد حارتنا التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. بينما يُصنف أدب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً، فإن مواضيع وجودية تظهر فيه.محفوظ أكثر أديبٍ عربي حولت أعماله إلى السينما والتلفزيون.
سُمي نجيب محفوظ باسمٍ مركب تقديراً من والده عبد العزيز إبراهيم للطبيب أبوعوف نجيب باشا محفوظ الذي أشرف على ولادته التي كانت متعسرة. بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة. في 1939، نشر روايته الأولى عبث الأقدار التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية. ثم نشر كفاح طيبة ورادوبيس منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة. وبدءاً من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلي وزقاق المدق. جرب محفوظ الواقعية النفسية في رواية السراب، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية وثلاثية القاهرة. فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية في رواياته الشحاذ، وأولاد حارتنا التي سببت ردود فعلٍ قوية وكانت سبباً في التحريض على محاولة اغتياله. كما اتجه في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفنتازيا كما في روايته (الحرافيش، ليالي ألف ليلة) وكتابة البوح الصوفي والأحلام كما في عمليه (أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة) واللذان اتسما بالتكثيف الشعري وتفجير اللغة والعالم، وتعتبر مؤلّفات محفوظ من ناحية بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها تدويناً معاصراً لهم الوجود الإنساني ووضعية الإنسان في عالم يبدو وكأنه هجر الله أو هجره الله، كما أنها تعكس رؤية المثقّفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة.
الكتب الأكثر قراءة
الكتب الأكثر قراءة